تحقيق – محروس رسلان:
تواجه البيئةُ البحريَّةُ القطريَّةُ تهديداتٍ مُتزايدةً؛ نتيجةَ المُمارساتِ الخاطئةِ التي يقومُ بها بعضُ الصيَّادين، ما أدَّى إلى تدمير الشعاب المَرجانية، التي تُعد بيئةً حاضنةً للأسماك ومصدرًا رئيسيًّا لاستدامة الثّروة السمكيَّة. ويرى العديدُ من الصيادين، أنَّ هذه المشكلة تتفاقم بسبب عدم وعي الصيادين الوافدين بأهمّية الحفاظ على البيئة البحرية، بالإضافة إلى العشوائيَّة في عمليات الصيد، واستخدام أدوات غير ملائمة تؤدّي إلى الإضرار بالنظام البيئي البحري.
وقالَ صيادون لـ الراية: إنَّ استخدامَ شباك الصّيد بكثافةٍ على امتداد السَّواحل القطرية، وخاصةً في مناطق الشعاب المَرجانية، أدَّى إلى تدهورِ هذه البيئة الحسَّاسة، ما يؤثرُ على تكاثر الأسماك ويؤدّي إلى انخفاض المخزون السمكيّ بشكلٍ ملحوظٍ.
وكانت وزارةُ البيئة والتغيُّر المُناخي، قد نظَّمت ملتقى الحياة الفطرية البحرية 2025، تحت شعار « البيئة البحرية.. إرثنا المستدام فلنحافظ عليه «، بهدف حماية ثروة قطر من الشعاب المَرجانية، والعمل على استدامتها، اتّساقًا مع التزام قطر بالحفاظ على البيئة البحريَّة وتنوعها الحيوي، وبما يتماشى مع رؤية قطر الوطنيَّة 2030.
شهدَ المُلتقى الذي أُقيم تحت رعاية سعادة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز بن تركي السبيعي، وزير البيئة والتغيّر المناخي، تنظيمَ حلقةٍ نقاشيةٍ بعنوان «الشعاب المَرجانية .. حماية وتنمية»، تناولت الحلولَ والتَّوصيات التي جاءت ضمن تقرير برنامج الأُمم المتحدة للبيئة الذي صدر في 2023، والخاص بأهمية الحفاظ على الشعاب المَرجانية، وأهمية تجنُّب أي أنشطة أو أعمال سلبية يكون من شأنها الإضرار بالشعاب المَرجانية الطبيعية. وطرحَ الصيادونَ عدَّة حلول للحدّ من تدمير الشعاب المَرجانية، من بينها فرض قيود صارمة على استخدام شباك الغزل، خاصةً في المناطق القريبة من الشعاب المَرجانية، وتنظيم مواسم الصيد، بحيث يُمنع صيد الأسماك خلال فترات تكاثرها؛ لضمان زيادة المخزون السمكي، وتشديد الرَّقابة البيئية على الصيادين، وفرض عقوبات مشددة على المخالفين، وتقليل التدخلات البشرية الضارَّة، مثل؛ الحفريات والردم، وإجراء دراسات بيئية دقيقة قبل تنفيذ المشاريع البحرية، وتوعية الصيادين بأهمية الحفاظ على الشعاب المَرجانية، خاصةً الصيادين الوافدين، لضمان استدامة الثروة السمكيَّةِ.
سيف الفضالة: شباك الغزل تضغط على الجرف القاري
أوضحَ سيف محمَّد الفضالة، أنَّ الصَّيادين يعتمدونَ بشكلٍ أساسيٍّ على الشّعاب المَرجانية باعتبارها مناطقَ تجمُّع للأسماك، ولكن الاستخدام غير المنظم للشباك الثابتة يؤدّي إلى أضرار جسيمة، مُشيرًا إلى أنَّ بعض هذه الشباك تُترك في قاع البحر، ما يؤدي إلى تلوث البيئة البحريَّة، وموت الأسماك داخلها. وأضافَ: هناك أخطاء أخرى تضرّ بالشعاب المَرجانيَّة، مثل استخدام مراسي السفن الثقيلة التي تجرُّ الشعاب المَرجانيَّة عند رسو السفن، ما يؤدِّي إلى تدميرِها بشكلٍ كاملٍ. ويرى أنَّ الصيادين الوافدين، الذين يشكّلون النسبة الكُبرى في قطاع الصيد، يفتقرون إلى الوعي البيئي، ولا يبالون بتدمير البيئة البحرية، حيث ينصبُّ اهتمامُهم على تحقيق الأرباح فقط.
وأوضحَ أنَّ الصيادَ القطريَّ الذي يمتلك عدة قوارب قد لا يتمكن من الإشراف المباشر على كل عمليات الصيد، فيترك المجالَ للعمَّال الوافدين الذين لا يراعون أهميةَ الحفاظ على البيئة. وأضاف: الصيادون الأوائل كانوا يعشّقون البحر ويحافظون عليه، وكانت الثروة السمكية وفيرة، أما اليوم فقد أصبح البحر مُستنزَفًا؛ بسبب الممارسات غير المسؤولة. ونوَّه إلى أنَّ صيد الأسماك خلال مواسم التكاثر يؤدّي إلى انخفاض أعدادها بشكلٍ كبيرٍ، لأنَّ العديد من الأسماك التي تُباع في الأسواق تحتوي على البيض، الذي لو تُرك للفقس لكان بإمكانِه أن يحافظَ على المخزون السمكيّ. وأضافَ: إنَّ هناك حاجةً إلى منع صيد بعض الأنواع خلال فترات معينة.
أحمد المهيزع: تناقص كميات المصيد بسبب إهمال البحارة
أشارَ أحمد مبارك المهيزع، إلى أنَّ الإهمالَ المُتعمّدَ من قِبَل بعض البحّارة الآسيويين كان له دورٌ كبيرٌ في تدمير الشعاب المَرجانيَّة. وقالَ: الرقابة البيئية كشفت العديدَ من المخالفات في مناطق، مثل الخور، ومسيعيد، والوكرة، والدوحة، وهو ما يعكسُ عدمَ مبالاة الصيادين بأهمّية الحفاظ على هذه الثروة الطبيعيَّة، وأضافَ المهيزع: إنَّ كَميَّة الأسماك التي يتمُّ اصطيادُها اليومَ، أصبحت أقلَّ بكثيرٍ مقارنةً بالماضي، حيث كان يتمُّ صيدُ ما يقارب 50 كيلوجرامًا من سمك الصافي خلال خمس دقائق فقط، في حين أنَّ هذه الكَمية تستغرقُ الآن أكثر من خمس ساعاتٍ لصيدِها، ما يعكسُ التأثير السلبي للصيد الجائر على البيئة البحريَّة.
جاسم اللنجاوي: الحفريات البحرية تدمر الشعاب المرجانية
نوَّه جاسم اللنجاوي، إلى أنَّ العديدَ من الشعاب المَرجانيَّة في مناطق، مثل الخور، ومسيعيد، تعرَّضت للدمار؛ بسبب عملياتِ الردم والطمي الطيني النّاجم عن المشاريعِ البحريَّة، وقالَ اللنجاوي: في السبعينياتِ، كانت الشعابُ المَرجانيةُ في أفضلِ حالاتِها، وكنَّا نصطادُ كَمياتٍ كبيرةً من الأسماك بسهولةٍ، أمَّا اليوم، فقد تراجعت أعداد الأسماك بشكلٍ مُخيفٍ؛ بسببِ التغيُّرات البيئيَّة والتدخُّل البشري غير المدروس.
وأضافَ: إنَّ التغيّراتِ في التيارات المائيَّة النّاجمة عن التوسُّع العُمراني والإنشاءات البحريَّة، أثَّرتْ على النظام البيئي البحري، ما أدَّى إلى مَوت الشعاب المَرجانيَّة، وانخفاض أعداد الأسماك التي تعتمدُ عليها.