الدوحة – قنا:

علاقات ثقافية ضاربة الجذور في عمق التاريخ، ممتدة على مدار قرون تجمع بين دولة قطر وجمهورية الهند الصديقة، وتعززت تلك العلاقات عبر التجارة والتفاعل الحضاري بين شعبي البلدين إذ كانت الهند وجهة تجارية رئيسية لأهل قطر والخليج عموما منذ قرون، وكان التجار القطريون يتجهون إلى السواحل الهندية لبيع اللؤلؤ واستيراد العديد من المنتجات، الأمر الذي أحدث تأثيرات ثقافية متبادلة بين البلدين ظلت ممتدة حتى اليوم.
وفي العصر الحديث ومنذ سبعينيات القرن الماضي، ارتبطت دولة قطر وجمهورية الهند بعلاقات دبلوماسية وتعاون ثنائي لافت، نتج عنه شراكة استراتيجية بين البلدين شملت كافة الجوانب بما فيها السياسية والاقتصادية والثقافية، فكان التبادل الثقافي حاضرا بين البلدين باستمرار.
وساهمت الجالية الهندية بقطر في توطيد العلاقات الثقافية بين البلدين، من خلال فعاليات عديدة، بينها مهرجان “قطر وطننا الثاني”، الذي نظمته بالتعاون مع مركز شؤون المسرح التابع لوزارة الثقافة في عام 2017، والذي تضمن عروضا ثقافية وفنية بلغات هندية مختلفة، وعكست في الوقت نفسه الثقافة والحضارة في كل من قطر والهند.

وتعززت الروابط الثقافية بين البلدين أكثر مع اختيار متاحف قطر ضمن مبادرتها /الأعوام الثقافية/ 2019 ليكون عاما ثقافيا بين قطر والهند، من خلال إقامة العديد من الفعاليات المشتركة والتبادل الثقافي، والتعاون في مجالات الأدب والفنون والتراث خلال العام الثقافي بين البلدين.
وفي إطار العام الثقافي، تم تنظيم العديد من الفعاليات الفنية، منها معرض الفن المعاصر من قطر، والذي سلط الضوء على التحول الاجتماعي والحضري السريع الذي تشهده دولة قطر من منظور مجموعة من فناني قطر الصاعدين الموهوبين، كما استضافت الدوحة العديد من الفعاليات الهندية من معارض وفعاليات موسيقية وفنية، كان من أهمها معرض “أحجار كريمة ومجوهرات من البلاط الملكي الهندي”، الذي أقيم في متحف الفن الإسلامي، بالإضافة إلى معرض “حيث تلتقي الثقافات: لقاء فوتوغرافي بين قطر والهند”، الذي أقيم بالمؤسسة العامة للحي الثقافي /كتارا/، وجاء نتاجا لعمل مصورين فوتوغرافيين قطريين سافرا لالتقاط الصور في الهند، ومصورين فوتوغرافيين هنديين أقاما بعض الوقت في قطر، ونقلا من خلال التصوير الفوتوغرافي التنوع الثقافي في قطر.
وفي العام نفسه، عقد الملتقى القطري للمؤلفين، بالتعاون مع الجالية الهندية في الدوحة، ندوة بعنوان “التبادل الثقافي بين الهند وقطر.. قرب أدبي متنوع رغم بعد المسافات”، وشارك فيها كل من الكاتب الهندي عبدالكبير فيلابوراتو رئيس تحرير دار النشر الإسلامي الفائز بالمركز الأول في جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي بفئة الإنجاز في اللغة المالايامية، والكاتب شيخ محمد مدير مركز الحوار في الهند الحائز على المركز الثاني في الجائزة لفئة الإنجاز في اللغة المالايامية، والسيد عبداللطيف كي جي رئيس مركز الجالية الهندية في قطر.
كما استضاف الملتقى القطري للمؤلفين في شهر أغسطس عام 2022 الكاتب سهيل عبدالحكيم لمناقشة كتابه المترجم /أصداء الصمت مختارات من أشعار الشاعر الهندي فيران كوتي/ الصادر عن إدارة الإصدارات والترجمة بوزارة الثقافة.
وخلال بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، وفي إطار الفعاليات المصاحبة، نظمت كل من السفارة الهندية والمركز الثقافي الهندي عروضا للرقصات التقليدية للجمهور العالمي.
وتعتبر المؤسسات الثقافية في دولة قطر شريكا فاعلا في تعزيز التعاون الثقافي بين دولة قطر وجمهورية الهند الصديقة، حيث احتضنت المؤسسة العامة للحي الثقافي /كتارا/ مؤخرا مهرجان قطر الدولي للفنون بمشاركة عدد كبير من الفنانين الهنود، كما تشهد /كتارا/ باستمرار تقديم العديد من العروض الفنية والموسيقية التي تعبّر عن الفلكلور الشعبي في الهند، فضلا عن انغماس الفنانين التشكيليين الهنود في مختلف الفعاليات الثقافية بقطر.
وفي إطار التعاون المشترك والمستمر بين المؤسسات المختلفة في كل من قطر والهند، كان التعاون بين المؤسسة العامة للحي الثقافي /كتارا/ ووكالة الفضاء الهندية العام الماضي في برنامج كتارا لعلوم الفضاء.
وتحت إشراف السفارة الهندية في دولة قطر، يعمل المركز الثقافي الهندي في قطر بصفته مركزا للأنشطة الثقافية، حيث ينظم العديد من الفعاليات التي تحتفي بالتراث الهندي، من خلال عروض ومعارض ومهرجانات يتم تنظيمها في قطر، كما يقدم المركز دروسا منتظمة في اللغة الهندية.
وتحتضن دولة قطر الجالية الهندية، التي تعد الأكبر في البلاد، ما يعزز وجود حوالي 45 ألف طالب موزعين في 19 مدرسة هندية بقطر، فيما يواصل العديد من الطلاب الهنود تعليمهم العالي في قطر، مسهمين بذلك في التبادل الفكري المهم بين الدولتين.
وتعرف الثقافة الهندية بتنوعاتها الكبيرة في مجالات الفلسفة والآداب والفنون، خاصة السينما الهندية التي تعد واحدة من أكبر وأشهر صناعات الأفلام في العالم، حيث تنتج مئات الأفلام سنويا بلغات متعددة، كما تضم الهند حوالي 40 موقعا مدرجا في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، منها 32 موقعا على صلة بالسياحة الثقافية.