كتب – محروس رسلان:

أوصى فضيلة الشيخ د. عبد المعين القحطاني الإمام والداعية الإسلامي، كل مسلم يدرك شهر رمضان الفضيل بحسن الخُلق، وقال: إن حسن الخلق أرقى درجات الإنسان، وإن أرقى درجات العبد يوم القيامة لن يصلها إلا بحسن الخلق، مسترشدًا بقول رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم حيث قال: إنَّ من أحبِّكم إليَّ وأقربِكم منِّي مجلِسًا يومَ القيامةِ أحاسِنُكم أخلاقًا».

وشدد فضيلة الشيخ د. عبدالمعين القحطاني لـ الراية الرمضانية على أنه قبل أن يصوم الإنسان عن طعامه عليه أن يصوم بجوارحه أيضًا فيصوم بلسانه عن أذى الناس لأن من الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «مَن يَضْمَن لي ما بيْنَ لَحْيَيْهِ وما بيْنَ رِجْلَيْهِ، أضْمَنْ له الجَنَّةَ».

وأكد أن الصيام مرتبات منها مرتبة الصيام عن الأكل «صيام العوام» ومرتبة أعلى هي صيامُ اللسان والجوارح، وأيضًا صيام النظر «صيام الخواص»، ومرتبة ثالثة هي صيام القلب بحفظه عن الالتفات لغير الله «صيام خواص الخواص».

ونوه بأن الإنسان قد يقع في باله أن الصيام فقط يكون عن الأكل والشرب، مشددًا على أن الصيام له معنى إيماني وفيه تسليم لله عز وجل وإخلاص عبر هذا الركن العظيم من أركان الإسلام.

وأبان أن الإنسان إذا أحسن الصيام وكف جوارحه ،وكان حَسَن الخُلق، فإنه يكون قد أدى الصيام على الوجه المطلوب وفي تلك الحال يكون مُستحقًا للجزاء العظيم من الله حيث جاء في الحديث القدسي: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ).

ونوه بأن هناك بابًا من أبواب الجنة الثمانية اسمه باب الريان لا يدخل منه إلا الصائمون.

وأبان أن الصيام قد يُجرّّح حيث يمكن أن يجرّح المسلم صيامه باللسان وبالأعمال والتصرفات المنهي عنها شرعًا، وبالنظر إلى الحرام، ولذلك كان من أعظم المطلوبات في الصيام أن يكف المسلم أذاه عن الناس خاصة لسانه.

واستدل على ذلك بما أخرجه الإمام الترمذي في السنن عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يومًا قريبًا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله: أخبرني بعمل يُدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: «لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت». ثم قال: «ألا أدلُّك على أبواب الخير؟ الصوم جُنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل». قال: «ثم تلا: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) حتى بلغ: (يَعْمَلُونَ) (السجدة: 16-17). ثم قال: «ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه؟». قلت: بلى يا رسول الله، قال: «رأس أمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد». ثم قال: «ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟» قلت : بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه قال: كف عليك هذا». فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: «ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم».

وأكد أن الصيام يُراد به امتثال جميع الجوارح لله رب العالمين بأن تصوم عما حرم الله سبحانه وتعالى في رمضان وفي غير رمضان عن المُحرمات.

وقال: يجب علينا أن نصوم عن المحرمات بجوارحنا في رمضان وغير رمضان، كما نصوم عن الأكل والشرب، لافتًا إلى أن الصيام فيه ابتلاء واختبار للمسلم وذلك بأن يمسك لسانه وأن يمسك نفسه في تصرفاته وألا يترك الحبل لنفسه لكي تتصرف كيفما تشاء ثم يندم على ما قد يصدر منه من أقوال.

وشدد على أن الذي يصوم ولا يضبط صيامه حظه الجوع والعطش لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: «مَن لم يدع قولَ الزور والعملَ به والجهلَ فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامَه وشرابه».

ونوَّه بأن النبي صلى الله عليه وسلم وجّهنا إلى الدفع بالتي هي أحسن خلال الصيام إعلاءً لحسن الخلق حيث جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».

وأشار إلى أن الناس الذين يصومون عن الأكل والشرب فقط هم أناس مقصرون في حق الله تبارك وتعالى، وصيامهم مجرح وغير مكتمل، مؤكدًا أن الصيام لابد أن يكتمل بصيام جميع الجوارح.

وأكد أن حث الإسلام للمسلم على الالتزام بحسن الخلق والصبر على الأذى خلال العبادة سواء في الصيام أو الحج، فيه اختبار للإنسان لأن الإنسان في حياته يواجه مواقف يصعب عليه فيه التحكم في جوارحه ولسانه وكلامه إلا صاحب الإيمان القوي والقلب المرتبط بالله والمراقب لله في جميع أموره، لافتًا إلى أن هذا النوع من البشر يستطيع أن يواجه الابتلاءات والامتحانات التي تمر على العبد وتمر على كافة البشر.

وأشار إلى أن من يحبه الله يمكنه من أن يتحكم في جوارحه في جميع أوقاته سواء في حجه أو في صيام رمضان أو في غيرها من الأوقات على مدار السنة.

وأكد أن طبيعة البشر تحتاج إلى التعويد ومن ثم فمن عود نفسه على أن يتحكم في جوارحه ومنها اللسان وانتبه لذلك ودعا الله أن يعينه على التحكم في هذه الجوارح والحواس وأن يحسن النية لله عز وجل ويدعو الله أن يهبه الثبات وأن يعود نفسه أن يراقبها في الله تبارك وتعالى فهو الموفَّق الفائز برضوان الله وجنته ومحبته.