الدوحة – طارق المساعفة :
قَالَ سعادة السيد راجح بادي، سفير الجمهورية اليمنيّة لدى دولة قطر: إن شهر رمضان المُبارك يحتل مكانةً خاصةً في قلوب اليمنيين، فهو مَوسم للعبادة واستنهاض الطاقات وتعزيز روح التكافل الاجتماعي والتراحم، وأضاف في حوار مع الراية الرمضانية: إن المطبخ اليمني بدون شك يُعد من أغنى وألذّ المطابخ، فهو يجمع بين الأصالة والتنوّع، إلا أنه في رمضان تصبح المائدة اليمنية عامرةً بأشهى الأطباق التي تعكس تراثًا غنيًا بالمذاقات والنكهات المتنوّعة. وحول أجواء رمضان في دولة قطر، قال سعادته: لفت انتباهي تمسك القطريين بتقاليدهم وعاداتهم الرمضانية، مثل تبادل الزيارات بين العائلات والأصدقاء، وتقديم الأطباق الرمضانية التقليدية التي تُضفي على الشهر لمسةً من الأصالة والدفء الاجتماعي، مشيدًا سعادته بتنافس الشعب القطري على عمل الموائد الرمضانية، التي تُعد من الصور المُشرقة التي تعكس هُوية قطر كبلد يتميّز بقيم التضامن والتعاون.. فإلى تفاصيل الحوار:
سعادة السفير، مرحبًا بك في الراية الرمضانية، حدّثنا عن الصورة الراسخة في مخيلتك عن شهر رمضان المُبارك وعن أجواء هذا الشهر الفضيل في بلدكم اليمن.
شهر رمضان المبارك يحتل مكانة خاصة في قلوب اليمنيين، فهو مَوسم للعبادة واستنهاض الطاقات وتعزيز روح التكافل الاجتماعي والتراحم.
تتميّز أجواء رمضان في اليمن بروحانية عالية؛ حيث تمتلئ المساجد بالمصلين، وتعمر الأجواء بأصوات تلاوة القرآن التي تنبعث من المنازل، وتتزيّن الشوارع بالفوانيس، وتعج الأحياء بالحياة مع حلول هذا الشهر الفضيل.
من أبرز المشاهد التي لا تفارق مخيلتي صور العائلات وهي تجتمع حول موائد الإفطار، حيث تبادل أطباق الطعام الشهية التي تعدّها الأمهات والجَدات بمحبة وعناية.
كما لا يمكنني نسيان ذلك الشعور الروحاني العميق عند سماع صوت الأذان، لا سيما في صلاتي المغرب والتراويح، ومشهد الناس وهم يتجهون مسرعين إلى المساجد لأداء صلاة الجماعة بعد الإفطار، في تجسيد جميل للترابط الديني والاجتماعي الذي يميّز رمضان في بلادنا.
• كيف ترون أجواء رمضان في قطر؟ وما أهم ما يميز المجتمع القطري خلال الشهر الكريم؟
– أجواء رمضان في قطر رائعة ومميزة، الناس هنا يحرصون على احترام وتقدير شهر الصيام والفضائل، فالمساجد تتحول إلى واحات للعبادة وتلاوة القرآن، وتتنوع الفعاليات الدينية والثقافية التي تعزز أجواء الشهر الكريم.
لكن أعتقد أن أهم ما يميز المجتمع القطري خلال رمضان هو روح التكافل الاجتماعي والكرم، حيث يمكن ملاحظة ذلك من خلال تسابق الناس لفعل الخير وتقديم المساعدة للمُحتاجين، والمساهمة في موائد الإفطار الجماعية.
كما لفت انتباهي تمسك القطريين بتقاليدهم وعاداتهم الرمضانية، مثل تبادل الزيارات بين العائلات والأصدقاء، وتقديم الأطباق الرمضانية التقليدية التي تُضفي على الشهر لمسةً من الأصالة والدفء الاجتماعي.
• ما هي العادات المتشابهة بين بلدكم وبين قطر في شهر رمضان؟
– هناك العديد من العادات المتشابهة بين شعبينا خلال شهر رمضان، أبرزها الحرص على تحويل الشهر الفضيل إلى مَوسمٍ للتكافل الاجتماعي وفعل الخير.
كما يُعد الإفطار الجماعي من أبرز العادات المشتركة، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء حول موائد الافطار.
إلى جانب ذلك، يعد تبادل الزيارات بين العائلات والأصدقاء من العادات الاجتماعية التي تعزز الروابط الأسرية والمجتمعية في كلا البلدين.
• ما هي النشاطات والممارسات اليومية الخاصة برمضان التي تحرصون على عملها خلال الشهر الفضيل؟
– في الحقيقة لا أعتقد أن هناك الكثير من الاختلافات بين الأنشطة التي يمارسها المسلمون في رمضان، وأعتقد أن واحدة من أهم ميزات الشهر الفضيل هي جمع الناس على القيام بأنشطة وأداء طقوس موحدة مثل قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته ومعانيه، والحرص على أداء الصلوات جماعة في المسجد، وتبادل الزيارات، والالتقاء بأبناء الجالية اليمنية المتواجدين في دولة قطر الشقيقة.
• حدِّثنا عن أطباق رمضان الشهية التي تحرص على أن تتواجد على مائدة إفطاركم.
– المطبخ اليمني بدون شك يُعد من أغنى وألذّ المطابخ على مدار العام، فهو يجمع بين الأصالة والتنوّع، ما يجعله تجرِبة فريدة لكل من يتذوقه. وفي شهر رمضان المبارك تصبح المائدة اليمنية عامرة بأشهى الأطباق التي تعكس تراثًا غنيًا بالمذاقات والنكهات المتنوعة. نحن اليمنيين كشأن كافة المسلمين نبدأ الإفطار عادة بالتمر والماء، ثم أطباق تقليدية تُعد جزءًا لا يتجزأ من العادات الرمضانية، ومن أبرزها الشفوت، وهو طبق خفيف ومنعش يتكون من رقائق اللحوح الممزوجة باللبن الرائب، ويُزين بتشكيلة من الخَضراوات وحبوب الرمان. وهناك أيضًا العصيد والهريش وهناك أيضًا السمبوسة التي تحضر كطبق أساسي، وهي من أشهر المقبلات في رمضان، وتُحشى باللحم أو الخضار أو الجبن، وتُقلى لتصبح ذهبية ومقرمشة.
هناك ميزة أخرى للمطبخ اليمني، وهي وجود أطباق محلية خاصة بكل محافظة على حدة، فهناك على سبيل المثال «بنت الصحن» الشهيرة في صنعاء والمحافظات المجاورة لها، وهي فطيرة يمنية تعد من عجين رقيق يرص في طبقات ويدهن بالسمن والعسل ما يعطيها قوامًا هشًا ومذاقًا ساحرًا.
وهناك في عدن وجبة الصيادية التي تحتفظ بمكانتها في المائدة الرمضانية، وهو طبق من الأرز المطهو بمرق السمك مع توابل عدنية خاصة تمنحه طعمًا فريدًا.
هناك أيضًا فتة الدخن التي تحضر في المائدة الرمضانية في العديد من المحافظات اليمنية، خاصة محافظة الحديدة، وهي عبارة عن طبق تراثي غني بالطاقة يحضر من خبز الدخن ويمزج بالسمن والعسل أو الحليب.
كما تتفرد بعض المحافظات مثل حضرموت وشبوة بالمندي والمظبي، وهي وجبات من اللحوم والدجاج تطهى بأسلوب تقليدي تحت الأرض أو على الحجارة حتى تكتسب نكهة مدخنة لذيذة.
لكن هذه الأكلات بشكل عام ليست حكرًا على محافظة أو منطقة بعينها، فهي حاضرة في المائدة اليمنية في عموم البلاد التي تمتزج فيها نكهات صنعاء بعدن وتعانق أطباق تعز مكونات حضرموت وهكذا.
يمكننا أن نقول إن المائدة اليمنية في رمضان تمثل احتفاءً يوميًا بتقاليد الطهي التي توارثتها الأجيال.
ولا ينبغي أن نغفل مشهدًا مهمًا للترابط الاجتماعي بين أبناء شعبنا، فحين تسكن عائلات من صنعاء والحديدة وتعز وحضرموت في مجمع سكني واحد تبادر كل أسرة بتقديم أكلاتها الخاصة لجيرانها وهي عادة حاضرة على مدار العام، لكنها تتضاعف في شهر رمضان ليتحول معها الشهر الفضيل إلى مناسبةٍ للترابط وتعزيز أواصر المحبة بين الجميع.
• ما الذي يعجبكم في المائدة القطرية الشهية والمتنوعة خلال الشهر الكريم؟
– المائدة القطرية متنوعة وغنية بالأطباق التقليدية مثل الهريس والمجبوس والثريد،
وفي الحقيقة أنا معجب باهتمام القطريين بالتفاصيل في إعداد المائدة الرمضانية، من تزيين المائدة إلى تقديم الأطباق بشكل جميل.
• كيف ترون تنافس القطريين على إقامة مائدة الإفطار العامة للجميع في شهر الخير والإحسان؟
هذه المبادرات من الأشياء التي لفتت انتباهي في قطر، وهي أعمال نبيلة تعكس أصالة المجتمع القطري وقيمه العريقة في الكرم والجود.
وأعتقد أن هذه المبادرات الإنسانية تُعد واحدة من الصور المشرقة التي تعكس هُوية قطر كبلد يتميز بقيم التضامن والتعاون، كما أن التنافس في هذا المضمار يعكس جانبًا مهمًا من الثقافة القطرية التي تولي اهتمامًا كبيرًا بالعمل الخيري والإنساني.