إنَّ القرآنَ العظيمَ فيه الكثير من التعاليم والحكمة والأسرار التي لا تنتهي، وفي رمضان ينكشف بعض ما خفي من أسراره، وترى للمسلم رجوعًا غريبًا في هذه الفترة من العام إلى قراءةِ القرآن، حتى وإن كان متكاسلًا أو مشغولًا عنه في السابق. هناك قوة جذب روحيَّة مماثلة لقوة الجاذبية الأرضية للمواد التي عليها أو أكثر من ذلك، فالقرآن الكريم هو كلام الله، والكلام عن عظمة القرآن يكرره الكثير من الدعاة، لكن بعض الباحثين يطرحُه بأسلوب علمي نابع من القلب فيعطي الموضوع إحساسًا وروحًا، وتشعر بالقرآن وكأنك تقرؤُه للمرَّة الأولى. بعض المُستشرقين يدسّ السم في العسل، فيحاول أن يوحي للقارئ أن القرآن يشابه ما كتبه الفلاسفة، لكنّ هناك فرقًا بين ما يكتبه الفلاسفة المشهورون من قول أو حكمة، وبين ما جاء في القرآن الكريم، على لسان النبي، عليه الصلاة والسلام، ويبين أحد الباحثين أنه حين قارن بين أقوال الفلاسفة وبين القرآن في تجرد من العاطفة، وجد أن كتابة الفلاسفة هي رفع قدر الأقوال ومنزلتها في قلب القارئ، ما يجعل هناك حبًا وتقديسًا لذلك الفيلسوف، لكن القرآن وقعه في قلوبنا وفي حياتنا مختلف تمامًا، كيف لا وهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا تنقضي عجائبه، إنه الكتاب الوحيد المنفرد بعملية مزج وتجانس، ولم يستطع إنسان أن يأتي بمثله، ففيه ربط بين أسلوب القصة وشرح القضية وعمق الحكمة وأسس الاقتصاد وجمال الأخلاق وحسن التربية وخفايا الحقيقة العلمية، كل ذلك في ترابطٍ معجزٍ، فمثلًا يعطيك حقيقةً علميةً عن نقص الأكسجين كلما ارتفع الإنسان في السماء بجملة صغيرة ضمن آية من سورة «كأنما يصعّد في السماء»، فإذا أردنا استشعار عظمة القرآن الكريم وما فيه، يجب أن نستشعرَ عظمة الخالق في أنفسنا، ولنستغل شهر رمضان في زيادة ارتباطنا بالقرآن.