كتاب الراية

ما بين السطور … بين المِطْرَقة والسَّنْدَان

هَلْ يشعر أحد ما بنفسه كفراشةٍ مُلوّنةٍ تختبئ عن الضوء والأنوار..؟ بينما تُحلّق الفراشات الأخرى في الجوار دون حذر أو ستار..؟

هل يشعر شخص ما أن هناك مِطْرَقةً تقسم رأسه نصفين، نصف يعيش بين النور والضياء، والآخر يعيش في بوتقة الأسرار..؟

آلاف منا، لا يعلمون متى تتفتح الذكريات في دروبهم وبين أفكارهم، ومتى تغلق كل بوابات العقل، الشاملة لكل الذكرى، لكل الحاضر والأفكار.

فمتى نعرف كيف سنفتح تلك الأبواب المجهولة، والمُختبئة خلف ستار الأمس، بكل ظلام لياليه الغارقة في الهم ودمع الحزن.. وكل ستار..؟

يا آتينا، يا من تعتقد بأنك سوف تكون الأفضل، والأحلى، سوف تكون لكل عيون الحب رسائلها، ولكل نجوم الوجد حمائمها الأحرار.

إن كنت ستحمل في جَعْبَتك مزيدًا من أحقاد الكون، ومن شرذمة الآفات، وكل المُرتزِقة الساعين لزرع الأشواك بعالمنا بين الأخيار.

فارحل واحمل أشتات الفرقة والعصبية والفوضى، وخطابات التنديد، وكل الأضغان المكتومة في الأعماق، بدون قرار.

ارحل حتى أعماق الكون، فكل رياح الغدر، سترحل خلفك، ساحبة كل الأحقاد، وكل ضمائرك الخرقاء، وكل ليالي الصمت بلا استقرار.

ارحل، فالحب غدا بوجودك كتلًا من أعماق براكين الغل، محملة بالرعب الأسود، والأمواج الغارقة بكُنه الجهل، وفي دُوامات الإعصار.

كتل من مهج شتى، تقذفها كل الأرواح الهائمة، وكل الأفواج الشاردة، إلى سفن التَّرحال، وأرض الصبر، وأرض النار.

لا، لن تهربَ من واقعك المُر، وإدمان الجهل، وطمر الحاضر والأحداث، بقعر الأمس، وأوهام المُستقبل، والإصرار.

فهنا ستثور جراح الضيم، وتنفجر الآبار الملأى بحكايات الأمس، وكل بطولات الزمن الساحق، وكل ميادين الشجب بلا أفكار.

ستلاقينا، سوف تكون عيونك مسدلة خلف الغضب الساكن في جنبيك، وخلف جبال اليأس، ومِقْصَلة القاضي، وديون العار.

أين الحل برأيك في هذا الزمن الصعب الصاعد في موجات الغربة والأشجان وبؤر الشكوى وعذابات الصوت الصادح من بين الأشجار..؟

إن أغلقت بعينك، وبإصرارك لغة الحب ولغة العشق، ولغة النجوى الساحقة، ولغة الأفواه المُغلقة بكل الثقة وكل القوة والإصرار.

لن ينقذك اليوم ضميرك، ذاك الغائب دومًا في سفن التَّرحال، وبين الأمواج الرابضة بجوف النبض بدون خِيار.

فأنت بعيد كل البعد، عن كل فراشات الوجد الراقصة ما بين الأضلع والأوردة الحائرة، بنبذك كل حلول السلم، وكل ترانيم الأوتار.

فارحل عنا، ارحل لا بقعة في الأرض ستؤويك، ولا شمس سوف تبث الدفء إليك بكل نهار، وستبقى مُرتبطًا بالسُّهْد ليالي، تتبعها سنوات وعقود باستمرار.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X