في رمضان بالذات عليكَ أنْ تتجاوز ندم «التقصير» كلنا كبشر مقصرون، ولكن عندما تشعر بأنك لست مُسلمًا بالقدر الكافي، عندما تشعر دائمًا بالتقصير، عندما يحتويك الندم المستمر بأنك لا يمكن أن تكون مثل أولئك الأوائل في الإسلام، وإن عليك دائمًا أن تكون أكثر إسلامًا، صورة المسلم الأعلى من جانب العبادات فقط، وليس من جانب المعاملات الدنيوية، أو من منطلق البعد الإنساني الذي يأخذ بظروف الوقت ومتغيراته هي حالة من الحزن الدائم الذي يرتبط لدى البعض ذهنيًا بفكرة المسلم الأعلى، وهي ليست صورة صحية لا للإسلام ولا للمسلمين، الإنسانُ كائن مادي، توحشك على ماديتك باستمرار لا يحولك إلى كائن نوراني، يعيش المُسلم اليومَ ضمن نطاق دولة وسط إقليم عالمي، ما لم ينتمِ إليه إنسانيًا، خاصة أن الإسلام دين إنساني، لكن التركيز على فكرة المسلم الأعلى تضع النشء في حيرة من أمره ومن مستقبله، شهد التاريخ إمبراطوريات عظيمة قامت على فكرة الإنسان الأعلى ولكنها انتهت، لكن الأديان استمرت، المُهم أن لا تنتج وحوشًا جريًا وراء فكرة الإنسان الأعلى هذه، المسلمُ المتواضعُ الذي يَهدي البشرية إلى خير السبيل، الذي أوصل الإسلام إلى أرخبيل الفلبين وجزر إندونيسيا، هذا المسلم المتعامل مع ظروفه وبيئته بشيء من تواضع الإنسان وعظمة الإسلام، هو من أنتج اليوم توافقًا بين الإسلام والعصر في تلك الدول كماليزيا وإندونيسيا وغيرهما، المسلم ليس كائنًا خارقًا، حتى يعيش تبدل العصر دون أن يندمج فيه اندماجًا إيجابيًا، يجعل منه في حالة طلب مستمر لبناء ذات إسلامية «إنسانية»، تعلو بحقيقة الإسلام السرمدية وفي نفس الوقت تؤكد حقيقة الإنسان المرحلية ووظيفة المسلم في السعي وراء الكمال انطلاقًا من ثنائية الذنب والاستغفار للبشرية.