المحليات
في ثانية جلسات بَرنامج «وآمنهم من خوف».. المشاركون:

الأسرة المسلمة.. عنوان المجتمع السليم

د. محمد المحمود: صلاح الأسرة من صلاح المجتمع

وجود الحوار بشكل صحيح يكفل الاستقرار الأسري المنشود

الدوحة – نشأت أمين:

تواصلَتْ فعالياتُ النسخة الحادية عشرة من البَرنامج الرمضاني «وآمنهم من خوف»، الذي تُنظمه إدارةُ الدعوة والإرشاد الديني بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على مدار أربعة أيام، في رحاب جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب، بمُشاركة نخبةٍ من علماء العالم الإسلامي، حيث سلط المشاركون في الجلسة الثانية من المنتدى الضوءَ على قضية التماسك الأسري، مؤكدين أن الأسرة المسلمة هي عنوان المجتمع السليم.

وأكدَ فضيلة الدكتور محمد المحمود، الداعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، على أهمية الحديث في موضوعات الأسرة والاعتناء بها وتصحيح الأخطاء، وحثّ من يتمسكون بالأخلاق الفاضلة والصفات الحسنة، بأن يحافظوا عليها، مشيرًا إلى أن الأسرة هي أساس المجتمع، فإذا صلحت صلح المجتمع، وإذا فسدت الأسرة يظهر ذلك على المجتمع، وينتشر الفساد بعد ذلك.

وقالَ د. المحمود: الأسرة في أساسها ينبغي أن تقومَ على الدين، وهو أول أساس إذا تحقق نعتقد أن ما بعد ذلك سيكون وضعًا سليمًا، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير». وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تُنكح المرأة لأربع، لمالها وجمالها وحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك».

وأضافَ: الدين هو الأساس، فإذا بُنيت العَلاقة على أساس الدين، والدين ليس بمفهومه الذي يظنه بعض الناس، فالمقصود به أن يتحاكم الناس إذا اختلفوا إلى الدين، وأن يكون الدين هو الذي يُسيّر هذه العَلاقة في الخلاف، وأن يرجع الزوج والزوجة إلى الدين، فهو المُهيمن على هذه العَلاقة.

ونوّه إلى غياب التشاور بين الزوجين، وهو ما يعبّر عنه الآن بمبدأ الحوار، وأنه إذا وجد الحوار الأسري بشكل صحيح قائم على الاحترام والتقدير حصل الاستقرار المنشود، وإذا غاب الحوار فقدت الأسرة أساسًا من أسس قيامها واستمرارها، وأنه من الملاحظ أن الناس لا يوجد في بيوتها حوار بنّاء، الأمر الذي يحرم الأسرة من أمرٍ عظيمٍ جدًا.

 د. عبد الرزاق قسوم:

الأسرة مؤتمنة على بناء الإنسان

قالَ الدكتور عبد الرزاق قسوم، الرئيس السابق لجمعية العلماء المُسلمين الجزائريين: إن المتأمل في المجال اللُغوي والحضاري للأسرة يكتشف أن الأسرة تنطلق من التجمع وتعود إلى التجمع، وهذا له دلالات ينبغي ألا تغيب عنا كمسلمين. إضافة إلى أن الأسرة هي الحِضن الدافئ الإنساني الأول، لأنها مؤتمنة على بناء الإنسان وتنشئته وإعداده الإعداد المطلوب لبناء المجتمع الإنساني. وأشار إلى أن ثقافة الأسرة هي المحدد الأساسي لتكوينها، معتبرًا أن هذه المحددات تصنع المقومات التي تطبع الأسرة بطابع الانتماء الاجتماعي والثقافي والحضاري.

وأضافَ الدكتور قسوم: العقيدة الدينية تأتي في ضوء هذه المقومات والمحددات كلها لإيجاد العلاقة المتينة بين الكائن الإنساني والمكون الإيماني، وهما خطان متوازيان يفضيان إلى التكامل من أجل بناء مجتمع إنساني أفضل. إن الأسرة المسلمة تقوم على دعائم، وهي الزوج والزوجة والأبناء.

وأكدَ أن هناك داعمًا وضامنًا أساسيًا للأسرة المسلمة، وهو عقد الزواج، مشيرًا إلى أن الأسرة المسلمة في واقعنا الحالي تواجه إيديولوجيات ومفاهيم ومصطلحات مشوهة قد طغت على المجتمع الإنساني، وانعكست سلبًا على بناء الإنسان. ومن بين هذه المصطلحات مصطلح «حرية النساء».

وعرّف الدكتور قسوم الزواجَ في المجتمع الإسلامي بأنه عَقد بين قلبين، ووصل بين نفسين، ومزج بين روحين حتى يكون هناك انسجام ومودة، وفي النهاية تقارب بين جسمين. مؤكدًا أن تحقيق هذه الأمور هو الضمانة والتحصين للأسرة المسلمة ضد الآفات الاجتماعية الوافدة، وهذا بدوره يجسد التكامل بين الزوجين.

وتابعَ: إن هناك عدة مقاصد للأسرة المسلمة، أولها الإحصان والإعفاف، ثم حفظ النسل والمحافظة عليه صحيًا ونفسيًا واجتماعيًا، إضافة إلى إشاعة السكينة والمودة، والإبقاء على النوع الإنساني، وهو هدف ومقصد أساسي. إلى جانب تلبية الحاجة للانتماء الإنساني، لأن الأسرة هي التي تنمّي في الإنسان البعد الإنساني المفقود، لكونها تؤمن بالإسلام الذي هو دعوة للإنسانية في أسمى معانيها.

د. عبدالسلام المجيدي:

نماذج عظيمة للأسر الناجحة في القرآن الكريم

قالَ الدكتور عبدالسلام المجيدي، الأستاذ بكلية الشريعة، جامعة قطر: إن من يقلّب صفحات الآيات وينظر في أنوارها ويهتدي ببصائرها فإنه سوف يجد نماذج عظيمة جدًا للأسر الناجحة، وفي المقابل سوف يجد أيضًا نماذج للأسر التي أصابها الخلل عند أحد الركنين الأساسيين للأسرة، مُستدلًا فضيلته بسورة البقرة.

وأوضحَ أن السورة ترسم لنا ابتداءً من الآية 221 وامتدادًا إلى الآية 242 خريطة لهندسة الوفاق الزوجي، حيث نجدها قد وضعت القوانين المتعددة التي تطبق الوفاق والفِراق، مُشيرًا إلى قصة آدم عليه السلام وزوجه «وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدًا حيث شئتما».

وقالَ فضيلته إنه عندما وقع آدم في الخطيئة فقد بيّن الله تبارك وتعالى لنا أنهما اشتركا فيها معًا وأنهما ينبغي أن يتوبا.

ولفتَ د. عبدالسلام المجيدي إلى أنه في أسرة آدم أيضًا، ظهر لنا ابنا آدم، ووجدنا أن الحسد قد أكل قلب أحدهما، فاختلت العَلاقة بين الأخوين بسبب اتباع شهوة الشيطان عند أحدهما «فطوعت له نفسه قتل أخيه». وانتقل د. عبدالسلام المجيدي إلى نموذج آخر من الأسر وهو أسرة نوح عليه الصلاة والسلام، مشيرًا إلى أن سيدنا نوحًا قد عانى من زوجته، وفضلًا عن ذلك فقد نجح مع عدد من أبنائه لكن أحدهم انفرد عن هذا النجاح، وهذا ليس بسبب إخفاق نوح عليه السلام، وإنما بسبب اختيار ابن نوح الاختيار السيئ.

وتابعَ فضيلته: ننتقل إلى أسرة ناجحة جدًا وهي أسرة سيدنا إبراهيم عليه السلام، حيث نجد زوجتين، إحداهما وهي «سارة» من شدة مواكبتها للأحداث التي يواجهها زوجها ضحكت عندما جاءته الملائكة، وبُشرت بابن لها، بينما الزوجة الثانية «هاجر» فارقها سيدنا إبراهيم هي وابنه الصغير إسماعيل عليه السلام.

وأشارَ إلى أنه هنا تتجسد لنا سورة من النجاح الأسري لدرجة أن سيدنا إبراهيم عندما ترك زوجته وابنه جاءت زوجته تناشده وتكلمه: يا إبراهيم إلى أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس فيه أنس ولا شيء ؟ وهو لا يتلفت لها وعندما فطنت قالت: آلله أمرك بهذا؟.

قال: نعم، فقالت: إذن لا يضيعنا، فرجعت ونجحت في تجرِبتها.

كما ذكرَ د. عبدالسلام المجيدي قصة أبي الدحداح الذي كان يمتلك 600 نخلة، وباعها كلها لله مقابل نخلة واحدة وكيف كان رد فعل زوجته عندما قالت له: ربح بيعك، بارك الله لك فيما اشتريت.

د. البشير المراكشي:

الخطاب الديني الصحيح يحفظ الأسرة من التفكك

شرحَ الدكتور البشير عصام المراكشي، المدير العلمي لمركز إرشاد للدراسات والتكوين بالمملكة المغربية، كيفية تبليغ الخطاب الديني الذي ينبغي أن يوجهَ للشباب خاصة، حتى يفهموا الفَهم الصحيح للأسرة ودورها في المجتمع، وما ينبغي أن تكون عليه الثنائيات «ذكر وأنثى»، بين قطبي الأسرة حتى يستقيم أمرها وتسلم من الصراعات بسبب التجاذبات التي نجمت عن التحوّلات العصرية.

وأكدَ الدكتور المراكشي أن الخطاب الديني الصحيح يحفظ الأسرة من التفكك، لافتًا إلى أن الأسرة قائمة على الاختلاف، إذ إن للذكر دوره ومهامه، وللمرأة دورها ومهامها، ووصف هذه النزاعات التي تحدث بين الأسر بالمرض الذي يقتضي دراسة أسبابه وعلاجه من جذوره.

وشددَ على أن الأسرة تقوم على المودة التي قال إنها غائبة، وهذا الغياب هو أساس المشكلات في أي وقت ومكان، وذكر أن الخطاب الديني يجب أن يكون قائمًا على الكتاب والسنة، لأن هذين المصدرين وضعا الأساس المتين لبقاء الأسرة.

وقالَ: إننا نريد أن نرجع بالأسرة إلى الفطرة حتى لا يجتاحها تيار، الذكورية أو الأنثوية، اللتين لا تقومان على الاختلاف في الجنس الذي هو أساس الأسرة، وقال إنه إذا تساوت خصائص أفراد الأسرة انتهى الاختلاف وذهبت الأسرة في مهب الريح، وحذر مما أسماه بالطغيان في الأسرة، كما حذر من المفاهيم الخاطئة للذكورية والأنثوية، وقال ما معناه: يجب أن تقف المرأة في حدود خصائصها كما يقف الرجل في حدود خصائصه، على أن تقوم الأسرة على الثنائية والاختلاف النوعي.وحذّر من تداعيات المساواة بين الجنسين التي ظهرت في الوقت الحاضر وهدفها هدم الأسرة وتفكيك أركانها، وشخص أسباب سقوط الأسرة وحصرها في عدم قيام الرجل بمسؤوليته وكذا المرأة، ولفت إلى أن الأسرة لا تقوم فقط على الحب كما نراه مجسدًا في المفاهيم التي يحملها الشباب بفعل المؤثرات، بل إن الأسرة تقوم على المودة والاحترام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X