العافية من أَجَلِّ النِّعَم، فإذا أكرمك الله بها فاشكرْه، وإن سألته شيئًا فاسأله العافية. قال النبي ﷺ: سَلوا اللهَ العافية، فإنه لم يُعْطَ عبدٌ بعد اليقين خيرًا من العافية» (رواه أحمد).
العافية تاجٌ على رؤوس الأصحّاء، لا يراه إلا المرضى. قالﷺ: «اللهم، إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي» (رواه الترمذي). وقال أحد الحكماء:
إني وإن كان جمعُ المال يعجبني
فليس يعدل عندي صحةَ الجسدِ
المالُ زَيْنٌ، وفي الأولادِ مَكْرُمَةٌ
والسُّقْمُ يُنْسِيكَ طَعْمَ الزادِ والولَدِ
فما نفعُ المالِ والأولاد إن فقد الإنسانُ عافيته؟! فاللهم أدم علينا العافية، وبارك لنا في صحتنا وأرزاقنا.
تأمل معي أيها المسلم: كَيْفَ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ فِي هَذِهِ الدَّارِ غَرِيبًا، وَهُوَ عَلَى جَنَاحِ سَفَرٍ، لَا يَحِلُّ عَنْ رَاحِلَتِهِ إِلَّا بَيْنَ أَهْلِ الْقُبُورِ؟ فَهُوَ مُسَافِرٌ فِي صُورَةِ قَاعِدٍ، وَقَدْ قِيلَ:
وَمَا هَذِهِ الْأَيَّامُ إِلَّا مَرَاحِلُ
يَحُثُّ بِهَا دَاعٍ إِلَى الْمَوْتِ قَاصِدُ
وَأَعْجَبُ شَيْءٍ لَوْ تَأَمَّلْتَ أَنَّهَا
مَنَازِلُ تُطْوَى وَالْمُسَافِرُ قَاعِدُ
قيل في قوله تعالى:«الله لطيف بعباده». هُوَ الَّذِي لَا يُعَاجِلُ مَنْ عَصَاهُ وَلَا يُخَيِّبُ مَنْ رَجَاهُ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَرُدُّ سَائِلَهُ وَلَا يُوئِسُ آمِلَهُ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَعْفُو عَمَّنْ يَهْفُو. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَرْحَمُ مَنْ لَا يَرْحَمُ نَفْسَهُ. –