قطر قدمت مساعدات طبية ودعمًا منتظمًا للقطاع الصحي السوداني
وفود طبية قطرية أجرت عمليات جراحية للمتأثرين بالحرب
قطر تفاعلت مع الأزمة السودانية منذ اليوم الأول دبلوماسيًا وإنسانيًا
الدوحة - طارق المساعفة :
يأتي إعلان سعادة السيدة مريم بنت علي بن ناصر المسند وزير الدولة للتعاون الدولي، يوم الخميس الماضي عن تخصيص دولة قطر مبلغ 10 ملايين دولار أمريكي لمبادرة دعم النساء في مناطق النزاع، خاصة في السودان، وتمكينهن اجتماعيًا ونفسيًا، ضمن الاستجابة القطرية المتواصلة للأزمة الإنسانية التي يعاني منها الشعب الشقيق جرّاء ظروف الحرب وكذلك الكوارث الطبيعية التي تأثر بها السودان أو التحديات الصحية، من انتشار بعض الأمراض السارية، وأيًا كانت الأزمة التي يواجهها الأشقاء فإن شكواهم وجدت أذنًا صاغيةً لدى قطر التي هبّت ولبّت نداء الاستغاثة، وكانت عند حُسن ظنهم بتدشين جسور جوية حملت مئات الأطنان من المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية العاجلة ومستلزمات الإيواء، كما أقامت قطر مشاريع تنموية داخل السودان يستفيد منها الأشقاء، خاصة في المناطق الهشة والمتأثرة بالنزاع، حتى غطى الخير القطري ملايين الأشخاص والنازحين داخل السودان .
• حملات إغاثية وتدخلات إنسانية عاجلة
وقد أطلقت قطر العديد من الحملات الإغاثية لصالح الأشقاء، إلا أنه ومنذ تفجر الحرب في منتصف أبريل 2023 كثفت قطر من تدخلاتها الإنسانية العاجلة عبر إطلاق جسور جوية تنقل المساعدات وتعود محمّلة بأصحاب الإقامة القطرية من العالقين في الحرب، حيث قدمت قطر على مدى سنوات الحرب مساعدات طبية ودعمًا منتظمًا للقطاع الصحي السوداني، كان آخرها زيارة وفد طبي قطري لإجراء عمليات جراحية للمتأثرين بالحرب.
• تعهد قطري بخمسين مليون دولار
تفاعلت دولة قطر منذ بداية الأزمة في السودان دبلوماسيًا وإنسانيًا لحقن دماء السودانيين ودعم صموده في وجه الحدث الجليل الذي ألقى بظلاله القاتمة على واقع المواطن السوداني ليضيف له معاناة على معاناته، فقطر التي دعت منذ اللحظات الأولى لتفجر الاقتتال لوقف إطلاق النار وكافة المظاهر المسلحة طالبت بتفعيل الحل السياسي عبر الحوار، مجددة تمسكها بوَحدة السودان وسلامة أراضيه وسيادته المطلقة، وبالتوازي مع ذلك دشنت جسرًا جويًا لإيصال المساعدات وإجلاء حَمَلَة الإقامة القطرية، إلا أنها لم تكتفِ بذلك، ففي يونيو عام 2023 ترأست دولة قطر، بشكل مشترك، في جنيف، مؤتمرًا رفيع المستوى لإعلان التعهدات لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان والمنطقة، وذلك مع كل من المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، وجمهورية ألمانيا الاتحادية، ومنظمة الأمم المتحدة، ممثلة بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، والاتحاد الأوروبي، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين. حيث أعلن معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، عن تعهد دولة قطر بمبلغ خمسين مليون دولار أمريكي لدعم جهود خُطة الاستجابة الإنسانية في السودان، والخُطة الإقليمية للاجئين. وذلك انطلاقًا من مسؤولية قطر الأخوية، وواجبها الأخلاقي والإنساني تجاه الأشقاء في السودان. قطر بإعلانها تقديم 50 مليون دولار لصالح العمليات الإنسانية في السودان، تؤكد على الوعد الذي قطعته على نفسها بأنها لن تدخر جهدًا في الوقوف بجانب الشعب السوداني الشقيق حتى يتجاوز هذه الأزمة، وذلك انطلاقًا من موقفها الثابت والراسخ بدعم وحدة واستقلال وسيادة وسلامة أراضي السودان الشقيق، ورفض أي شكل من أشكال التدخل في شؤونه الداخلية، والاحترام الكامل لخِيارات شعبه في الحرية والسلام والعدالة والازدهار .
إعادة الاهتمام العالمي للأزمة السودانية
بينما انشغل العالم بأزماته وتناسى ما قدمه من وعود للشعب السوداني الشقيق، أعادت دولة قطر الاهتمام العالمي للأزمة السودانية، ففي العاشر من مارس 2024 زارت سعادة وزير الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية السودان في رسالة تضامن وتكاتف مع الأشقاء، مفادها استمرار الدعم القطري لصالح أمن واستقرار السودان وحماية شعبه الشقيق، ففي الوقت الذي تناسي العالم المأساة الإنسانية لملايين السودانيين جراء الظروف الأمنية الصعبة جاءت قطر لتضع العالم أمام مسؤولياته تجاه الشعب السوداني الذي ينتظر موقفًا دوليًا حازمًا يوقف القتال ويكثف من تقديم المعونات الإغاثية العاجلة، حيث أكدت سعادة وزير الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية أن قطر تذكر العالم وتدعو المسؤولين الدوليين والمنظمات الدولية لزيارة السودان للوقوف على المستجدات والتأكيد على دعم الشعب السوداني، حيث تراجع العديد من المانحين عن وعودهم التي قطعوها في يونيو 2023 بجمع 1.5 مليار دولار خلال مؤتمر المانحين، حيث أوفت قطر بتعهدها بمبلغ 50 مليون دولار، وذلك انطلاقًا من مسؤولية قطر الأخوية، وواجبها الأخلاقي والإنساني تجاه الأشقاء في السودان. وقد أعلنت عن تدشين جسر جوي خلال شهر رمضان ويتضمن مواد غذائية وأخرى للإيواء بالإضافة إلى سيارات إسعاف، ومستشفى مَيداني، مقدمةً من صندوق قطر للتنمية، وقطر الخيرية، والهلال الأحمر القطريّ.
• مواد إغاثية وطبية لمواجهة الفيضانات
في أغسطس الماضي أرسلت قطر طائرات تحمل أطنانًا من المواد الإغاثية والطبية والإنسانية ومستلزمات الإيواء دعمًا للمتضررين من الفيضانات وانهيار سد أربعات بولاية البحر الأحمر الذي خلف أضرارًا كبيرةً في عشرات القرى وأدّى لوقوع عشرات الضحايا. وأجرت دولة قطر استجابة إنسانية سريعة، حيث قدمت الإغاثة العاجلة لمئات الآلاف من المتضررين جراء الفيضانات، ونصبت الخيام للسكان كما وزعت سلالًا غذائية لمئات الآلاف المتأثرين، حيث ساهمت في تعزيز صمود الأسر المتأثرة من السيول والأمطار بعدد من ولايات السودان من خلال تقديم المساعدات الضرورية. كما نفذت قطر تدخلات إنسانية أخرى في العديد من مخيمات النزوح في مختلف الولايات السودانية، فقطر لن يهنأ لها بال وهي ترى الشعب الشقيق يعاني ويئن تحت وطأة هذه الأزمات المتعددة، التي حوّلت حياته اليومية إلى جحيم، فالمساعدات القطرية العاجلة إلى السودان تأتي تعبيرًا صادقًا عن تفاعل دولة قطر، قيادةً وحكومةً وشعبًا، مع ما يعانيه الأشقاء في السودان جراء السيول والأمطار التي تعرضت لها البلاد، فقطر حريصة على الاستجابة الفورية لكل الاحتياجات الإنسانية في السودان دعمًا من دولة قطر لجهود الإغاثة التي تبذلها السودان جرّاء الفيضانات والسيول التي شهدتها أنحاء متفرقة من الولايات السودانية. حيث جاءت الاستجابة الإغاثية القطرية العاجلة للشعب السوداني الشقيق، كجزء لا يتجزأ من التزام دولة قطر الراسخ في إغاثة الملهوف ومدّ يد العون للمحتاج دون تأخير، فقطر لن تتوانى يومًا في وقوفها مع السودان وشعبه الطيب لمواجهة آثار الأمطار والسيول التي اجتاحت بعض مناطقه، فالظروف الصعبة التي حلّت بالسودانيين كان لها صدى مسموع عند أهل قطر، فالمعونات القطرية العاجلة وصلت لآلاف الاسر السودانية وقد كانت بمثابة بلسم لآثار السيول الكارثية، وهي جاءت لتوصيل رسالة مفادها أن دولة قطر، قيادةً وشعبًا، ستقف دائمًا بجانب الشعب السوداني في كل أزماته.
• مشاريع تنموية وإغاثية قطرية للسكان المحليين
المشاريع الإغاثية الإنسانية والتنموية القطرية موجودة على أرض السودان الشقيق وتساهم في دعم جهود الأشقاء في مواجهة الأزمات والكوارث، كما أنها تخفف الضغط على الحكومة السودانية في تقديم بعض الخدمات الأساسية، كما يوجد العديد من المشاريع التنموية القطرية في كافة أراضي السودان تقدم خدماتها للسكان المحليين، فقطر لا تزال تمد يدها بالخير لأهل السودان منذ سنوات طويلة، وقد ثمنت الحكومة السودانية المساعدات الإغاثية العاجلة التي قدمتها قطر لدعم الجهود السودانية، مؤكدة أن هذه المساعدات تؤكد قوة ومتانة العَلاقات بين البلدين، مشيدة بالدور الكبير الذي تضطلع به دولة قطر تجاه الشعب السوداني، وهذا يؤكد أن يد قطر ممدودة بالخير دائمًا للشعب السوداني الشقيق، وتسعى دائمًا إلى بلسمة جراحه والوقوف إلى جانبه في أحلك الظروف ليبقى السودان قويًا وصامدًا في وجه المحن، فقطر تثق بقدرة السودانيين في الانتصار على ظروفهم من أجل بناء دولتهم وتحقيق التنمية المستدامة التي من شأنها أن ترتقي بحياة الأشقاء، فقطر الخير والعطاء لن تترك السودان وحده يواجه تبعات أزماته لأن السودان وأهله لديهم مكانة خاصة في قلب قطر.
سلام دارفور
الدعم القطري المتواصل لإرساء الأمن والاستقرار في السودان لم يتوقف، حيث كانت قطر على الدوام في صف السودان وشعبه، فقطر لها أيادٍ بيضاء في إرساء قواعد السلام في البلاد عمومًا، وفي إقليم دارفور على وجه الخصوص بعد سنوات من الاقتتال، حيث شكل اتفاق الدوحة لسلام دارفور نقطة مفصلية تاريخية في حياة الشعب السوداني في الإقليم الذي عانى لسنوات ويلات الحرب والاقتتال حتى جاءت الدوحة وأرست اتفاقًا شاملًا يضمن التعايش السلمي ويدفع بعجلة التنمية والاستقرار لصالح الشعب السوداني الشقيق بالإقليم، ومن هنا فإن الدوحة أعلنت على الدوام أن وحدة السودان وسيادته على ارضه مصلحة قطرية عليا، فالاقتتال بين الإخوة لن يكون في صالح أحد بل سيزيد من مشاكل السودان الذي لا يزال يحاول تجاوزها نتيجة انغلاق الأفق السياسي، فمن يريد أن يشارك في بناء السودان الجديد الذي يحقق آمال وطموحات الشعب السوداني الطيب لن يختار البندقية بوصلة للوصول إلى غاياته وأهدافه الشخصية على حساب الأبرياء، فهذا الشعب العزيز لن يسامح كل من يعبث بأمنه واستقراره، ويدمر أحلامه بوطن يتسع للجميع بدون إقصاء.
في كل المراحل التاريخية التي مر بها السودان الشقيق كانت دولة قطر إلى جانب الأشقاء إيمانًا منها بدور السودان الحيوي عربيًا وإقليميًا ودوليًا، فللسودان وأهله مكانة خاصة وتقدير كبير لدى قطر، قيادةً وحكومةً وشعبًا، انطلاقًا من أواصر الأخوة وعُرى الصداقة التاريخية والمصير المشترك، فقطر تعطي الأولوية للجانب الإنساني ووقف القتال هناك، وما يعانيه السودان في الوقت الحالي يتطلب من جميع الأطراف السودانية الاحتكام إلى صوت العقل والحكمة وتجنب القتل والتدمير الذي من شأنه رمي السودان في أتون أزمات مُتلاحقة لا مخرج منها، فقد حان الوقت ليخرج السودان من أزماته ويكون وطنًا لجميع السودانيين.